
بقلم الإعلامية: منار أيمن سليم
في مدينة الإسكندرية الساحرة، حيث تلتقي نسمات البحر بروح الحياة، وُلدت قصة ملهمة لامرأة استطاعت أن تضع بصمتها في قلوب الآلاف، وتسهم في إعادة تشكيل الوعي الأسري والنفسي لمجتمع بأكمله. إنها الدكتورة هبة السيد محمد، الشهيرة بلقب “هبة والحياة”، التي استطاعت أن تمزج بين العلم والرحمة، وبين الفكر والعمل، لتصبح من أبرز الأسماء في مجال الإرشاد النفسي والأسري والتربوي في الوطن العربي.
بدأت الدكتورة هبة مسيرتها الأكاديمية بالحصول على ليسانس الحقوق، لكن شغفها الحقيقي كان دائمًا في فهم النفس البشرية، ومساعدة الآخرين على اجتياز صعوبات الحياة النفسية والعاطفية. ومن هنا، انطلقت في رحلة علمية طويلة، توّجتها بالحصول على ماجستير في الصحة النفسية والإرشاد الأسري، تلاها دكتوراه في الصحة النفسية والإرشاد الأسري والتربوي، والتي تناولت في رسالتها موضوعًا غاية في الأهمية وهو: “الاضطرابات الشخصية وتأثيرها على الأسرة والمجتمع”، حيث أبرزت من خلاله كيف تؤثر أنماط الشخصيات المضطربة على جودة العلاقات الأسرية وتماسك البنية المجتمعية.
تتعدد مجالات عمل الدكتورة هبة لتشمل مساحات واسعة من التخصصات النفسية، فهي استشاري نفسي وأسري وتربوي، ومعتمدة في العلاج الجدلي السلوكي والعلاج المعرفي السلوكي، كما تُعد كوتش معتمد في العلاقات، وتربية الأطفال، وفترة المراهقة، وحدود العلاقات الصحية، والإرشاد الأسري والزواجي، إلى جانب تخصصها في علاج الإدمان، وجميع تلك الشهادات من جامعة عين شمس العريقة.
وتعمل اليوم على إعادة بناء الحياة النفسية والأسرية لكثير من الأفراد والعائلات، عبر جلسات علاجية مميزة، تجاوزت 120 ساعة إرشاد أسري وزواجي، بالإضافة إلى مئات الساعات من الجلسات الفردية المعرفية السلوكية، التي عالجت فيها بعمق مشكلات مثل القلق، التعلق المرضي، التقدير الذاتي، الخلافات الأسرية، التحديات الزوجية، والمراهقة المضطربة.
تحت اسم “هبة والحياة”، أسست الدكتورة هبة صفحتها الرسمية على فيسبوك، والتي جذبت أكثر من 21 ألف متابع من مختلف الدول العربية، ممن وجدوا في محتواها دفئًا إنسانيًا، ووعيًا معرفيًا، وتوجيهًا راقيًا بعيدًا عن التنظير. تقدم من خلالها نصائح يومية، مقاطع فيديو، ولقاءات حية، تناقش فيها قضايا نفسية وتربوية واجتماعية بطرح بسيط وعميق في آنٍ واحد.
وفي خلال السنوات الثلاث الأخيرة فقط، تمكنت من قراءة أكثر من 20 كتابًا متخصصًا في مجالات الصحة النفسية، العلاقات، التربية، وتطوير الذات، ما عزز من ثقافتها المهنية وأسلوبها الفريد في التواصل مع الناس، حيث تدمج بين المعلومة العلمية والدعم النفسي الحقيقي.
كما تؤمن الدكتورة هبة أن “النفس السليمة أساس المجتمع السليم”، لذا لا تعتبر عملها مجرد وظيفة، بل رسالة إنسانية تحيا بها كل يوم، وتطمح من خلالها إلى بناء أسر صحية، وعلاقات متزنة، وأفراد أقوياء نفسيًا. وهي تشدد دائمًا على أهمية الوقاية النفسية والتدخل المبكر في المشكلات الأسرية، وضرورة نشر ثقافة العلاج النفسي كحق لكل إنسان، لا كوصمة.
في زمن تتكاثر فيه الضغوط وتتزايد التحديات، تبقى نماذج مثل هبة والحياة بمثابة شموع تضيء الطريق لقلوب أرهقها التشتت، ولأسر تبحث عن الأمان، ولشباب تائهين بين أسئلة الهوية والارتباط. هي ليست فقط دكتورة متخصصة، بل صوت أمل، ونبض وعي، وحضن دعم نفسي وأُسَري لكل من يبحث عن بداية جديدة.
وها هي، من عروس البحر المتوسط، تواصل رسالتها النبيلة، واضعة نصب عينيها هدفًا واحدًا: “أن نعيش الحياة… بوعي، حب، وتوازن”.
