
تفسير جديد لرمز “عنخ” المعروف بمفتاح الحياة في الحضارة المصرية القديمةبعد اكتشاف حجر رشيد وفك رموز اللغة الهيروغليفية، أدرك علماء المصريات أن علامة “عنخ” ترمز إلى الحياة وتجددها.
وقد تجلَّى ذلك بوضوح في النقوش العديدة على جدران المعابد والمقابر، حيث يظهر الإله وهو يمنح رمز الحياة “عنخ” لملوك مصر.اجتهد علماء المصريات والمستشرقون في تفسير دلالة شكله المميز ، وكان أشهر تفسير له أنه يرمز إلى اتحاد العضو الذكري مع العضو الأنثوي مع رحم المرأة.
إلا أن هذا التفسير قوبل بالرفض من قبل العديد من الباحثين نظرًا لضعف رمزيته وعدم وجود أدلة مادية تدعمه
.تفسير فلكي جديد لرمز “عنخ”قدم الدكتور أمير سعيد، الباحث في علم المصريات، تفسيرًا جديدًا لهذا الرمز استنادًا إلى أدلة فلكية سنوية. إذ يرى أن المصريين القدماء، بحكم إتقانهم للزراعة على ضفاف نهر النيل منذ آلاف السنين، لاحظوا ارتباط الزراعة والمحاصيل بالفصول الأربعة.
ومن خلال مراقبتهم لحركة الشمس، سعوا لفهم سبب تغير الفصول واختلاف طول النهار والليل على مدار العام.لاحظ المصريون القدماء أن النهار يكون قصيرًا جدًا في فصل الشتاء، بينما يطول تدريجيًا حتى يصل إلى ذروته في فصل الصيف.
إذ رصدوا أن الشمس خلال الشتاء تقلل مدة سطوعها بسبب تحرُّك مدارها ناحية الجنوب بعيدًا عن منتصف السماء، حتى تصل إلى أقصر نهار في السنة، والذي يوافق يوم 21 ديسمبر وفقًا للتقويم الميلادي.
ولكن بعد 25 ديسمبر، تبدأ الشمس في تكبير مدارها والارتفاع به نحو منتصف السماء، مما يؤدي إلى زيادة مدة النهار تدريجيًا حتى تصل إلى أطول نهار في السنة يوم 21 يونيو.
العلاقة بين رمز “عنخ” وفيضان النيللاحظ المصريون القدماء أن زيادة مدة النهار تتزامن مع ارتفاع منسوب مياه النيل وغمر أراضيهم بالمياه والطمي، مما يؤدي إلى ازدهار محاصيلهم.
ولكن الأمر اللافت للنظر هو ظهور مجموعة من النجوم تُعرف حاليًا باسم Crux خلال فترة فيضان النيل وزيادة مدة النهار. وتظهر هذه المجموعة النجمية ليلاً وكأنها تدور على سطح الأرض في نفس اتجاه حركة الشمس.
أهمية مدينة طيبة (الأقصر)المثير في الأمر أن هذه المجموعة النجمية تظهر بوضوح فقط من مدينة الأقصر، ولا يمكن رؤيتها بهذه الطريقة من أي مدينة أخرى في مصر. كما أنها لا تظهر مطلقًا من القاهرة أو الإسكندرية بسبب كروية الأرض.
ويعتقد الدكتور أمير سعيد أن هذه الظاهرة قد تكون سببًا في انتقال عاصمة مصر القديمة من منف (الجيزة) إلى طيبة (الأقصر).
الدمج بين الشمس والنجوم في رمز “عنخ”بناءً على هذه الظواهر الفلكية، يعتقد الدكتور أمير سعيد أن المصريين القدماء جمعوا بين الشمس ونجوم Crux في رمز “عنخ”، ليكون تعبيرًا عن عودة الحياة وتجددها سنويًا، وهو ما يعزز فكرة ارتباط الرمز بالدورة الفلكية للكون وتأثيرها على الطبيعة والزراعة.
يظل “عنخ” أحد أعظم الرموز المصرية القديمة، ويعكس فكرًا عميقًا عن الحياة، التجدد، والارتباط الوثيق بين الإنسان والطبيعة.