مقالات
أخر الأخبار

الدكتور مالك الجوابرة

الدكتور مالك الجوابرة.. طبيب الإبل الذي اخترق أسرار الصحراء

 

في قلب الجزيرة العربية، حيث الإبل ليست مجرد حيوان بل رفيق الدرب وكنز البادية، نشأ فتى صغير في محافظة عفيف، تتعلّق روحه منذ طفولته بكائن الصحراء المهيب. لم يكن يعلم حينها أن هذا التعلّق سيتحوّل إلى رسالة عمرٍ كاملة، وأن اسمه سيُكتب لاحقًا كأحد أبرز المتخصصين في طب الإبل بالمملكة العربية السعودية.

 

إنه الدكتور مالك الجوابرة، المولود في 31 مايو 1990، والذي أصبح رمزًا للتخصص الدقيق، والعلم العميق، والشغف الأصيل بحياة الإبل وصحتها.

 

البداية: شغف تحوّل إلى علم

 

لم يكن دخول الطب البيطري خيارًا عابرًا، بل كان امتدادًا لحب فطري تشكّل منذ سنوات الطفولة. ومن هنا، اختار د. مالك جامعة القصيم، حيث تلقى علمه على أيدي نخبة من المختصين، وتخصص في ما قلّ من يتخصص فيه: علاج الإبل. وقد منحته الجامعة بيئة علمية دقيقة، ساعدته على الجمع بين المعرفة الأكاديمية والتجربة العملية.

 

أكثر من عقد في خدمة الإبل

 

ما بين عيادات متنقلة، وحالات حرجة، وبيئات صحراوية شديدة، قضى الدكتور مالك أكثر من عشر سنوات يكرّس وقته ومهارته لعلاج الإبل. لم يكن عمله مجرد تطبيق للكتب، بل إبداع متواصل يمزج فيه بين الطب الحديث وحكمة الأجداد.

 

لقد آمن دومًا أن الإبل ليست مجرد حيوان، بل كائن فريد يحمل من الأسرار ما يستحق التوقف والتأمل.

 

أمراض لا يفهمها إلا المتخصصون

 

يعرف د. مالك أن عالم الإبل مليء بالتحديات، وقد ركّز خلال مسيرته على عدد من الأمراض المعقدة، من بينها:

• الهيام، وهو مرض شهير بين الإبل

• طفيليات الدم

• مشاكل الخصوبة والعقم

• اضطرابات الهضم

• مرض السرر، الذي يضرب منطقة الزور ببكتيريا خطيرة

• وواحدة من أعجب الحالات: هدارة البعير، وهي كيس عضلي ينفخه الذكر عند التزاوج محدثًا صوتًا هدّارًا مميزًا

 

وقد كان الدكتور من أوائل من خاضوا مجال جراحة “هدارة البعير”، حيث أجرى عمليات دقيقة أنقذت حياة العديد من الجمال، وأثبتت أن الطب البيطري ليس مجرد علاج، بل مهارة وتدخل فوري في اللحظات الحرجة.

 

قصص نجاح لا تُنسى

 

من أبرز الحالات التي واجهها:

• ناقة تبلغ 15 عامًا لم تحمل قط، وبعد فحوصات دقيقة، اكتشف وجود أكياس على المبايض، وتم علاجها بنجاح.

• بعير مصاب باختناق بسبب امتلاء “هدارته” بالعلف، فتم إجراء جراحة دقيقة أعادت له القدرة على التنفس.

 

طبيب على وسائل التواصل

 

لكن رحلة د. مالك لم تتوقف عند التشخيص والعلاج فقط. فقد وجد في منصات التواصل الاجتماعي وسيلة لمدّ جسور التوعية، حيث ينشر مقاطع ومعلومات لمربي الإبل، ويحذر من الاستخدام العشوائي للمضادات الحيوية، ويشدّد على أن التشخيص السليم هو أول طريق الشفاء.

 

اسمه يُذكر بفخر في مجال نادر

 

اليوم، يُعد الدكتور مالك الجوابرة أحد أعلام طب الإبل في السعودية، ومصدر ثقة لكل من يسعى لفهم هذا الحيوان الفريد. فقد جمع بين العلم والمهارة والشغف، وأسهم في تطوير طرق العلاج، ونشر الوعي في مجال يكاد يندر فيه المتخصصون.

 

في زمن تسير فيه العلوم نحو التخصصات الدقيقة، اختار الجوابرة أن يكون صوتًا علميًّا يتحدث باسم الإبل.. الكائن الذي عاش معه، وفهمه، وعالجه، وكرّس عمره لحمايته.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى