الدعاء للميت على القبر في جماعة.. دكتور شوقي علام يوضح – مصر نيوز

قال الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية السابق، إن الوقوف على القبر بعد الدفن للاستغفار للميت والدعاء له من السنة المتبعة، والدعاء بابه واسع؛ فيكون سرًّا أو جهرًا، وبأيّ صيغة يفتح الله تعالى بها على مَن يدعو، وتضييق ما وسَّع الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم من البدع المذمومة، والتنازع في هذا أمرٌ لا يرضاه الله ولا رسوله صلى الله عليه وآله وسلم.
حكم الوقوف عند القبر ساعة بعد دفن الميت
وأضاف الدكتور شوقي علام، أن الثابت في السنة أنَّ المشيِّعين للجنازة يقفون عند القبر ساعة بعد دفن الميت للاستغفار والدعاء له؛ وذلك لِما رواه أبو داود في “السنن” والحاكم في “المستدرك”، وقال: [صحيح الإسناد]، عن عثمان رضي الله عنه قال: كانَ النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم إذا فَرَغَ مِن دَفنِ المَيِّتِ وَقَفَ عليه فقالَ: «استَغفِرُوا لأَخِيكم وسَلُوا له التَّثبِيتَ؛ فإِنَّه الآنَ يُسأَلُ».
وروى مسلم في “صحيحه” عن عمرو بن العاص رضي الله عنه أنه قال: “إذا دَفَنتُمُونِي فَشُنُّوا عليَّ التُّرَابَ شَنًّا، ثُم أَقِيمُوا حَولَ قَبرِي قَدرَ ما تُنحَرُ جَزُورٌ ويُقسَمُ لَحمُها حتى أَستَأنِسَ بكم وأَنظُرَ ماذا أُراجِعُ به رُسُلَ رَبِّي”، وذلك إنما يكون بعد الدفن.
حكم إلقاء موعظة عند القبر بعد الدفن
وأكد الدكتور شوقي علام، أنه لا بأس أن يسبق الدعاء موعظة موجزة تذكّر بالموت والدار الآخرة؛ لِما في ذلك مِن ترقيق القلوب، وتهيئتها للتضرع إلى الله تعالى، وجمع الهمة في الدعاء؛ فعن الإمام عليٍّ كرَّم الله وجهه قال: كُنَّا في جَنازةٍ في بَقِيعِ الغَرقَدِ، فأَتانا النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم فقَعَدَ وقَعَدنا حَولَه، ومَعَه مِخصَرةٌ، فنَكَّسَ، فجَعَلَ يَنكُتُ بمِخصَرَتِه، ثُم قالَ: «ما مِنكم مِن أَحَدٍ، ما مِن نَفسٍ مَنفُوسةٍ إلا كُتِبَ مَكانُها مِنَ الجَنَّةِ والنَّارِ، وإلا قد كُتِبَ شَقِيَّةً أو سَعِيدةً»، فقالَ رَجُلٌ: يا رسولَ اللهِ، أفَلا نَتَّكِلُ على كِتابِنا؟ فقال: «اعمَلُوا؛ فكُلٌّ مُيَسَّرٌ لِما خُلِقَ له» متفقٌ عليه، وقد بَوَّبَ على ذلك البخاري في “صحيحه” بقوله: (باب مَوعِظةِ المُحَدِّثِ عندَ القَبرِ وقُعُودِ أَصحابِه حَولَه).
قال الإمام النووي في “الأذكار” (1/ 161، ط. دار الفكر): [ويستحب أن يقعد عنده بعد الفراغ ساعة؛ قدر ما يُنحَر جَزُورٌ ويُقَسَّم لحمُها، ويشتغل القاعدون بتلاوة القرآن، والدعاء للميت، والوعظ، وحكايات أهل الخير، وأحوال الصالحين، قال الشافعي والأصحاب: يُستَحَبُّ أن يقرؤوا عنده شيئًا مِن القرآن، قالوا: فإن ختموا القرآنَ كلَّه كان حسنًا] اهـ.
حكم الدعاء للميت على القبر في جماعة بصوت مسموع
وقال فضيلته: أما عن كيفية الدعاء للميت وهل يكون سرًّا أو جهرًا؟ فالأمر في ذلك واسع؛ فالدعاء له عند القبر يكون سرًّا أو جهرًا، وبأيِّ صيغةٍ تشتمل عليه، والتنازع في هذا أمرٌ لا يرضاه الله ولا رسوله صلى الله عليه وآله وسلم، بل هو من البدع المذمومة؛ إذ من البدعة تضييق ما وسَّع الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم، فإذا شَرَع اللهُ سبحانه وتعالى أمرًا على جهة الإطلاق وكان يحتمل في فعله وكيفية إيقاعه أكثرَ مِن وجه فإنه يؤخذ على إطلاقه وسعته، ولا يصح تقييده بوجه دون وجه إلا بدليل.
وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن الأغلوطات وكثرة المسائل، وبيَّن أن الله تعالى إذا سكت عن أمر كان ذلك توسعة ورحمة على الأمة؛ فقال صلى الله عليه وآله وسلم: «إنَّ اللهَ عَزَّ وجَلَّ فَرَضَ فَرائِضَ فلا تُضَيِّعُوها، وحَرَّمَ حُرُماتٍ فلا تَنتَهِكُوها، وحَدَّ حُدُودًا فلا تَعتَدُوها، وسَكَتَ عن أَشياءَ رَحمةً لكم مِن غيرِ نِسيانٍ فلا تَبحَثُوا عنها» رواه الدار قطني وغيره عن أبي ثَعلَبةَ الخُشَنِيِّ رضي الله عنه، وصحَّحه ابنُ الصلاح وحسَّنه النوويُّ.
قال العلامة التَّفتازاني في “شرح الأربعين النووية” (ص: 191، ط. دار الكتب العلمية): [(فلا تبحثوا عنها) ولا تسألوا عن حالها؛ لأن السؤال عما سكت اللهُ عنه يُفضِي إلى التكاليف الشاقة، بل يُحكَم بالبراءة الأصلية] اهـ.
وبيَّن رسولُ الله صلي الله عليه وآله وسلم فَداحةَ جُرمِ مَن ضَيَّق على المسلمين بسبب تَنقِيرِه وكثرة مسألته فقال: «إِنَّ أَعْظَمَ الْمُسْلِمِينَ فِي الْمُسْلِمِينَ جُرْمًا مَنْ سَأَلَ عَنْ شَيْءٍ لَمْ يُحَرَّمْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، فَحُرِّمَ عَلَيْهِمْ مِنْ أَجْلِ مَسْأَلَتِهِ» رواه مسلم من حديث عامِرِ بنِ سَعدٍ عن أَبِيه رضي الله عنه.
وعن أَبي هُرَيرةَ رضي الله عنه قالَ: خَطَبَنا رسولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم فقالَ: «أيها النَّاسُ، قد فَرَضَ اللهُ عليكم الحَجَّ فحُجُّوا»، فقالَ رَجُلٌ: أَكُلَّ عامٍ يا رسولَ الله؟ فسَكَتَ حتى قالَها ثَلاثًا، فقالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم: «لو قُلتُ “نعم” لَوَجَبَت ولَما استَطَعتم»، ثُم قالَ: «ذَرُونِي ما تَرَكتُكم؛ فإنَّما هَلَكَ مَن كانَ قَبلَكم بكَثرةِ سُؤالِهم واختِلافِهم على أَنبِيائِهم، فإذا أَمَرتُكم بشَيءٍ فَأتُوا مِنه ما استَطَعتم وإذا نَهَيتُكم عن شَيءٍ فدَعُوهُ» رواه مسلم؛ قال العلامة المُناوي في “فَيض القدير شرح الجامع الصغير” (3/ 562، ط. المكتبة التجارية الكبرى): [أي اتركوني من السؤال مدةَ تَركِي إياكم، فلا تتعرضوا لي بكثرة البحث عما لا يَعنِيكم في دِينكم مهما أنا تاركُكم لا أقول لكم شيئًا؛ فقد يوافق ذلك إلزامًا وتشديدًا، وخذوا بظاهر ما أمرتكم ولا تستكشفوا كما فعل أهل الكتاب، ولا تُكثِرُوا من الاستقصاء فيما هو مبيَّن بوجه ظاهر وإن صلح لغيره؛ لإمكان أن يكثر الجواب المرتب عليه فيُضاهِي قصةَ بني إسرائيل؛ شَدَّدُوا فشُدِّد عليهم، فخاف وقوعَ ذلك بأُمته صلى الله عليه وآله وسلم] اهـ.
على أن الدعاء والذِّكْر في الجمع أرجى للقبول وأيقظُ للقلب وأجمعُ للهمة وأَدعى للتضرع والذلة بين يدي الله تعالى، خاصة إذا كانت هناك موعظة؛ وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «يَدُ اللهِ مع الجَماعةِ» رواه الترمذي وحسَّنه والنسائي في “السنن” عن ابن عباس رضي الله عنهما.
وتابع فضيلته: بناء على ذلك، فالوقوف على القبر بعد الدفن للاستغفار للميت والدعاء له من السنة المتبعة، والدعاء بابه واسع؛ فيكون سرًّا أو جهرًا، وبأيِّ صيغة يفتح الله تعالى بها على مَن يدعو، وتضييق ما وسَّع الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم من البدع المذمومة، والتنازع في هذا أمرٌ لا يرضاه الله ولا رسوله صلى الله عليه وآله وسلم. والله سبحانه وتعالى أعلم.
هل هناك دعاء معين أو قول معين يُقال عند دفن الميت؟
وقال الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية الأسبق: أمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالدعاء للميت بعد دفنه؛ وقد ورد في الحديث الشريف عن سيدنا عثمان بن عفان رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه فقال: «اسْتَغْفِرُوا لأَخِيكُمْ، وَسَلُوا لَهُ التَّثْبِيتَ، فَإِنَّهُ الآنَ يُسْأَلُ» رواه أبو داود.
ويُستحبّ الدعاء للميت بعد دفنه بأن يقوم رجل من المُشيّعين ممَّن يُجيد الدعاء ويقول: “بسم الله، وعلى ملة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، اللهم اغفر له وثبته عند السؤال، اللهم اغفر له وارحمه، وعافه واعف عنه، وأكرم نزله، ووسع مدخله”. أو أيّ دعاء آخر يجيده الداعي. والله سبحانه وتعالى أعلم.
الدعاء جهرًا عند القبر
وعن حكم الدعاء جهرًا عند القبر، قال مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف، إن الحمد لله و الصلاة و السلام على سيدنا رسول الله وبعد .. فيسن عند الفراغ من دفن الميت الانتظار والدعاء له، وسؤال الله له بالتثبيت عند السؤال، لحديث عثمان – رضي الله عنه – قال: “كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه، فقال: استغفروا لأخيكم، وسلوا له التثبيت؛ فإنه الآن يسأل” رواه أبو داود، وعن ابن مسعود-رضي الله عنه-: «كان النبي – صلى الله عليه وسلم – يقف على القبر بعدما يسوي عليه، فيقول: اللهم نزل بك صاحبنا، وخلف الدنيا خلف ظهره اللهم ثبت عند المسألة منطقه، ولا تبتله في قبره بما لا طاقة له به» رواه سعيد في سننه.
اقرأ أيضا:
مفتي الجمهورية: القرآن الكريم يُنتج إنسانًا متزنًا في مواقفه ورشيدًا في قراراته
مفتي الجمهورية يشارك في مؤتمر التعارف الإنساني وتحقيق التعايش بدولة الجزائر
حكم رفع اليدين بالدعاء أثناء خطبة الجمعة.. دكتور شوقي علام يوضح
الجهر والإسرار عند قضاء الصلاة المفروضة.. مفتي الجمهورية يبين الحكم
استقبل وفدا من جامعة جورج واشنطن والجامعة الأمريكية بالقاهرة.. شيخ الأزهر: إقصاء الدين من حياة الناس أحد أسباب فِقْدان السعادة الحقيقية
في اليوم العالمي لمكافحة خطاب الكراهية.. مفتي الجمهورية: دعوة لإعلاء قيم السلام والتعايش بين الشعوب
وكيل الأزهر يعتمد نتيجة «أبناؤنا في الخارج» و”البرنامج التأهيلي” 2025م
خطبة الجمعة القادمة لوزارة الأوقاف 20 يونيو 2025م ـ 24 ذو الحجة 1446 هـ
قريبا.. الإطلاق الرسمي للمنصة الرقمية الجديدة لوزارة الأوقاف
اليوم ذكرى وفاة فضيلة الإمام الشيخ محمد متولي الشعراوي
المصدر : وكالات